top of page
Search

هل تنير كهرباء الخليج مدينة النور؟


الربط المتوقع منذ اعوام بين الشبكة الخليجية وشبكة الربط السباعي التي تضم مصر وسوريا والأردن ولبنان وفلسطين والعراق وتركيا، وكذلك الربط المتوقع مع شبكة الربط العربي في شمال أفريقيا التي تضم مصر وليبيا وتونس والجزائر والمغرب، سيسهل نقل الكهرباء إلى شرق ووسط اوربا عبر تركيا وإلى فرنسا وغرب اوربا عبر المغرب فإسبانيا ويؤذن بفتح منافذ جديدة، غير تقليدية، لتصدير الطاقة باتجاه الدول المستوردة سواء في اوربا أو آسيا وأفريقيا



هذا العنوان ليس للإثارة ولا يجوز أن يصنف حتى في خانة الأحلام والأماني البعيدة، بل هو حقيقة واقعة يمكن أن نراها ماثلة للعيان خلال سنوات قليلة، وذلك بعد نجاح الشبكة الخليجية للربط الكهربائي يوم الثلاثاء 31 أغسطس 2010 في تحويل 150 ميجاوات من شبكة الكهرباء القطرية إلى شبكة الكهرباء البحرينية التي واجهت فقداً في الجهد الكهربائي بين الساعة الثالثة والساعة الخامسة من مساء ذلك اليوم. وكان من الممكن لهذا الفقد في الشبكة البحرينية أن يتسبب في زيادة الأحمال التي قد تؤدي لتوقفها عن العمل لولا مسارعة مركز التحكم بشبكة الربط الخليجي لإطلاق تلك الكمية اللازمة من التيار القطري لإعادة الاستقرار لإمدادات الكهرباء البحرينية دون أن يحس أي مواطن بحريني بما جرى ولتستمر الحياة في البلاد على طبيعتها وليستمتع الصائمون في صيف البحرين الملتهب ببرودة مكيفات بيوتهم ومجمعاتهم التجارية كالمعتاد ويفطروا آمنين على رزق الله وبركته.

ويخضع هذا النوع من التبادل الكهربائي لاتفاقية (تبادل وتجارة الطاقة) الخليجية التي وقعتها الدول الأعضاء في المجلس في شهر يونيو من العام الماضي، وذلك استجابة للطلب المتنامي على الكهرباء في دول المجلس التي يتزايد استهلاكها للكهرباء منذ 2003 بمعدلات سنوية تتتراوح فيما بين 7-9% سنوياً باستثناء قطر التي يتزايد الاستهلاك فيها بمعدلات تصل إلى 14% في العام.


ويأتي هذا المشروع الرائد للربط الكهربائي الخليجي كثمرة للقمة الثلاثين لزعماء دول المجلس المنعقدة في الكويت التي أقرته في الأول من ديسمبر 2009م، بعد استكمال مرحلتيه الأولى والثانية التي تشمل (السعودية وقطر والبحرين والكويت) لتبدأ الشبكة تشغيلها الفعلي الجزئي بين هذه الدول الأربع يوم 26 يوليو من العام الماضي. ومنذ ذلك التاريخ أسهمت الشبكة بشكل مباشر في تجنب وقوع انقطاع جزئي أو كلي في الشبكات المرتبطة في أكثر من 200 حالة بلغت نسبة الفقد في بعضها أكثر من 25%. ويتوقع في مرحلة الربط الثالثة التي تنتهي أواسط العام 2011 ربط شبكة دولة الإمارات بالشبكة السعودية من خلال محطتي كهرباء (مفاتيح السلع) الإماراتية و(سلوى) السعودية. ويتوقع أن يكتمل خلال هذه المرحلة أيضاً استكمال أعمال ربط الشبكتين الإماراتية والعمانية لتكتمل وتتكامل شبكة الربط الكهربائي كأول جهد اقتصادي مشترك واضح النجاح بين دول المجلس.



ورغم أن التكلفة الإجمالية للمشروع يمكن أن تصل إلى (1,5) مليار دولار إلا أن عائداتها الاقتصادية ستتجاوز تكاليفها بكثير وتسهم إسهاماً مباشراً في التوظيف الأمثل لموارد الطاقة وتوزيع الجهد الكهربائي والأحمال مما سينعكس بدوره على استقرار الشبكات المحلية في توفير إمدادات كافية من الكهرباء مع تجنب تحميلها بأحمال إضافية وتجنب تعجيل معدلات استهلاك محطات ومولدات الكهرباء المحلية إضافة إلى تقليل التكاليف التشغيلية إلى أدنى مستوياتها بالاستفادة من توافر الاحتياطيان الهائلة من الغاز القطري والسعودي.

ومن الناحية التجارية تنص الاتفاقيات على التعويض العيني أو النقدي للتيار الكهربائي المحول من شبكة إلى أخرى حسب وحدة القياس المتفق عليها، ويكون التبادل العيني بإطلاق التيار من شبكة دولة لشبكة دولة أخرى في أوقات الذروة ، لتعيد شبكة الدولة المستفيدة نفس الكمية من التيار إلى البلد الأخر في أوقات الذروة فيه سواء في نفس اليوم أو في اليوم التالي وذلك في حالة اختلاف أوقات الذروة. أما في حالة التوافق فيمكن بيع الكمية المطلقة من التيار من شبكة إلى شبكة أخرى مقابل عائد نقدي أو أية صيغة دفع أخرى يمكن الاتفاق عليها.


وهذا المبدأ التجاري في التعويض هو نفسه الذي يمكن أن يتبع في الربط المتوقع بين الشبكة الخليجية و شبكة (الربط السباعي) التي تضم كلا من (مصر وسوريا والأردن ولبنان وفلسطين والعراق وتركيا). وكذلك الربط المتوقع مع شبكة الربط العربي في شمال أفريقيا التي تضم كلاّ من (مصر وليبيا وتونس والجزائر والمغرب)وذلك من خلال (كابل بحري) يربط بين الشبكة السعودية، التي هي جزء من الشبكة الخليجية، والشبكة المصرية.


وربط الشبكة الخليجية بشبكة الربط العربي في شمال أفريقيا وبشبكة الربط السباعي يسهل ربطها بشرق ووسط أوربا عبر تركيا وبغرب أوربا عبر المغرب فأسبانيا. علماً بأن أعمال الربط بين هذه الشبكات الكهربائية العالمية تجري على قدم وساق، وكان آخرها إعلان هيئة الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون الخليجي التي صنفت في المرتبة السادسة عشرة على المستوى العالمي، انضمامها في سبتمبر 2014 إلى الشبكة الأوروبية «غو - 15» للكهرباء، التي تمثل 80 في المائة من مجمل الطلب العالمي على الطاقة الكهربائية، حيث توفر الكهرباء لأكثر من 3.4 مليار مستهلك في 6 قارات وهي مسؤولة عن تكامل 2518 غيغاواط من طاقة التوليد، 21 منها من مصادر الطاقة المتجددة.


وجاء الإعلان عن الانضمام خلال الاجتماع الثاني لرؤساء الهيئات المعنية بتجارة الطاقة في دول مجلس التعاون يوم 28/ 9 / 2014 وذلك خلال فعاليات اليوم الأخير من المنتدى الثالث لتجارة الطاقة الخليجي الذي عقد على مدار يومين في العاصمة الإماراتية أبوظبي.


وخرج المؤتمر بست توصيات رئيسة لاستراتيجية العمل المستقبلية بين هيئة الربط الكهربائي الخليجي وشبكة «غو - 15» وهي:


أولا وصول «عادل» من حيث السعر المشترك وجميع المعاملات التجارية نظرا للاختلافات في المدخلات ونموذج أسعار الطاقة في كل بلد.


وثانيا الاستفادة الاقتصادية المثلى من شبكة الربط البيني.


وثالثا التزام هيئة الربط الخليجي بتسهيل فرص التجارة بين الدول الأعضاء.


ورابعاً تعيين موظف تجارة طاقة معني قادر على الوصول إلى منصة سوق هيئة الربط الكهربائي الخليجي لتقديم وقبول عروض تجارية نيابة عن أي جهة مع الالتزام بمضمون العقود التجارية الموقعة


وخامسا مراجعة وتعديل الاتفاقيات الثنائية


وسادسا تشكيل فريق عمل لدراسة فرص تجارة الطاقة الفعلية وعرضها في الاجتماعات المقبلة أملا في توقيع عقود لتجارة الطاقة لتكون الانطلاقة لسوق الكهرباء الخليجية


ولذلك نأمل إذا ما سارت الأمور بشكل طبيعي دون اندلاع حروب أو صعوبات سياسية طارئة، أن تتمكن شبكة الربط الخليجي العالمية خلال سنوات قليلة بالفعل أن تنير بتيارها الكهربائي المولّد في عمان أو السعودية أو أي دولة خليجية أخرى بيوتاً ومجمعات تجارية في باريس عاصمة النور الفرنسية وغيرها من مدن أوربا والعالم.


وتبقى المزية الأهم والأشمل لهذا الربط الكهربائي الرائع وهي المزية الإستراتيجية المتمثلة في إضافة بعد جديد لتعميق التكامل والأمن الاقتصادي والقومي المشترك لدول الخليج العربية ولكافة الدول العربية الأخرى المشاركة، وذلك بظهورها مجتمعة كقوة عالمية عملاقة قادرة على الاستفادة من مواردها الهائلة من النفط والغاز لعقود طويلة قادمة بفتح منافذ جديدة وغير تقليدية لتصدير الطاقة باتجاه الدول المستوردة سواء في أوربا أو آسيا وأفريقيا..

 
 

يسرني ان تكتب انطباعك او رأيك فيما وجدت في موقعي

Thanks for submitting

بإمكان اي زائر ان يستفيد مما يجد في موقعي هذا بالشكل الذي يراه مناسباً، ولا اطلب منه سوى ان يذكرني ضمن مصادره، وان لم يفعل فأنا اسامحه..

bottom of page